كلية طب ديالى تقيم ندوة علمية بعنوان (مرض الموت)
بأشراف عميد كلية طب ديالى الأستاذ الدكتور اسماعيل ابراهيم لطيف وحضور قاضي محكمة بداءة بعقوبة الاستاذ وميض المندلاوي والعميد صلاح عدنان قائد الشرطة المجتمعية في محافظة ديالى والمقدم يوسف علي جميل والشيخ احمد شياع الكرخي مسؤول التنسيقية لشؤون العشائر الشرطة المجتمعية والمحامي عمر الزهيري نقيب المحامين في ديالى.. اقامت شعبة التعليم المستمر ندوة علمية بعنوان (مرض الموت) ادارها الاستاذ مساعد الدكتور نمير فاضل غائب فرع التشريح والخبير الحقوقي الأستاذ احمد خلف الخياط.
تضمنت الندوة بتعريف مرض الموت، وما هي أحكامه من الناحية الطبية، والاحكام القانونية، والشرعية، حيث، استعرضت في افتتاحها من الناحية الطبية، بان مرض الموت هو مفارقة الروح للجسد مفارقه تامة تستحيل بعدها عودته الى الحياة، اما وقت الموت في مرض الموت، وهنالك رأى بعض الحكماء (إن المرض في ذاته هو ما يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص)، وقال بعضهم (المرض هو ما يعتري الاجسام الحية من خلل او نقص تخرج به عن حالة اعتدالها العادية، قليلا كان او كثيرا، وقد ينتهي به الامر الى القضاء على الحياة) ومن هنا وجب علينا ان نفرد مساحة للتمييز بين المرض العادي من مرض الموت، ومع ذلك بينت التميز بينهما فالمرض العادي هو المرض الذي يصيب الإنسان فيجعله مرهقا ومتعبا وقد يصاحبه الأم عضوية وغيرها كالزكام مثلا وغيرها من الأمراض التي يمكن علاجها ويشفى منها المريض، اما مرض الموت فهو المرض الذي يصاب بها الانسان ويتصل مرضه بالموت لان هذا المرض مميت مثلا شخص تضرر قلبه او رئتاه ولم يعد في وسعهما ان يقوما بعملهما ومع ذلك فدماغه سليم، فتاتي أجهزة الإنعاش الصناعي لتقوم مقام القلب والرئتين لضخ الدم للدماغ السليم ولغيره من أعضاء الجسم او شخص مات دماغه بسبب حادث او ما شابه وقبل ان تلحقه سائر الأعضاء الأخرى بالموت وربط المصاب الى اجهزة الإنعاش الصناعي التي حفزت القلب والرئتين على العمل واستمرار الجسد (عدا الدماغ) يكون حيا.
ووفقا لهذا المعيار تكون لحظة الموت الطبيعي للإنسان بموت القلب والدورة الدموية والجهاز التنفسي، فينتج عن ذلك موت خلايا تلك الاعضاء بشكل تدريجي واحدا تلو الاخر، فمثلا قرنية العين والجلد والعظام تبقى حية لبضعة ايام بعد الوفاة، اما الكلى فلا تبقى سوى خمسة عشر دقيقة، والكبد والقلب مدة خمس دقائق فقط، واما الدماغ فلا تعدو مدة بقائه بعد انقطاع وصول الدم اليه سوئ أربع أوسته دقائق، وان الاعضاء التي ذكرتها كالقلب والدماغ تبقى حية خلال هذه الاوقات فقط وبعدها تموت ولكن تستأنف هذه الاجهزة او الاعضاء مزاولة وظائفها المعتادة عن طريق تدليك القلب او الصدمة الكهربائية او باستعمال جهاز الانعاش الصناعي.
أما من الناحية القانونية في العراق، يعد مرض الموت من المسائل المهمة على الصعيد القانوني في هذا العصر نظرا لكثرة تطبيقاته العملية وامتداداته وتشعباته النظرية، وقد أخذت به تشريعات عديدة بصورة متطابقة أو متقاربة أو متباعدة، وتخلفت تشريعات أخرى عديدة عن الأخذ به، فأن المشرع العراقي قد آثر هو الاخر ان يتبنى معيار الموت الدماغي وقد أسهب في الحديث عن الشروط اللازمة لتطبيقه وهذه الشروط (كما هي الحال في بلدان العالم الأخرى التي تبنتها)، وينبغي أن تتوافر جميعها قبل امكان الحكم بموت المريض فلا يكفي أحدها لذلك، فقد نص في قانون العمليات زرع الأعضاء البشرية رقم (85) لسنة 1986م، وذلك في الفقرة (5) من المادة الثانية منه والتي تنص على انه (يجوز أخذ الاعضاء من المصاب بموت الدماغ وحسب الادلة العلمية الحديثة المعمول بها التي تصدر بتعليمات …..)، ولقد صدرت التعليمات رقم (3) لسنة 1987م فعرفت الفقرة الاولى منها والصادرة بموجب المادة (السادسة) من قانون عمليات زرع الاعضاء البشرية رقم (85) لسنة 1986م، موت الدماغ بانه : ( حالة الفقدان اللاعائد للوعي المصحوب بالفقدان اللاعائد لقابلية التنفس التلقائي والانعدام التام للأفعال الانعكاسية لعرق الدماغ ).
ولقد نص دستور السلوك المهني الطبي النافذ في العراق على مسالة قتل او موت الرحمة في البند (تاسعا) منه، ويقصد بموت الرحمة قيام الطبيب بالمساهمة بأنهاء حياة المريض في وقائع الامراض المستعصية وغير القابلة للشفاء مترافقة مع اّلام مستديمة، مما يجعل وضعة عبئا على المريض نفسه والمحيطين به، فيلجا ذلك المريض او ذووه الى الطبيب بطلب وهو وضع حد لهذا الوضع والتخلص من مثل هذه الحياة ، ويعد هذا الاجراء جناية قتل ولو تم ذلك بطلب من المريض او من ذويه برضاهم وذلك لكون هذا العمل منافياً لطبيعة عمل واهداف وواجبات الطبيب نحو مريضه وهو الابقاء على حياة المريض والحفاظ على صحته في افضل وضع ممكن هذا بالإضافة الى احتمال الخطأ في التشخيص وامكانية تعرض الطبيب لملاحقة الورثة له قانونيا، ويفهم من هذا البند ان المشرع العراقي يجرم قتل المرحمة سواء اكان ذلك بطلب من المريض ام من ذويه اذ انه اعتبر الموت الرحيم جريمة قتل عمد متوافرة الاركان ولا اهمية عنده لا للبواعث او الدوافع على ارتكابها ولا لرضا المريض بها او لرضا احد من ذويه.
اما من الناحية الشرعية فان الفقه الاسلامي يحرم ذلك; ففي الكتاب الكريم ورد ذلك التحريم في أكثر من موضع، قوله تعالى في سورة البقرة (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا ان الله يحب المحسنين)، وقوله تعالى (يا أيها الذين امنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا ان تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما)، وقوله تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا) الخ..
وفي الختام منح عميد كلية الطب الضيوف المشاركين الشهادات التقديرية، وذلك تثمينا لجهودهم ودورهم المتميز في المشاركة الفاعلة التي صب موضوع مهم من المواضيع الحياتية ومدى العلاقة التي ترتبط من خلالها الاختصاصات الطبية والشرعية والقانونية لإيجاد أفضل السبل السليمة في حلها.
ومن جانبهم شكر الضيوف عمادة كلية طب ديالى والمتمثلة بعميدها الأستاذ الدكتور إسماعيل إبراهيم لطيف والملاك التدريسي والمنتسبين على حسن الضيافة والاستقبال، ولما تقوم به من دور فاعل في إقامة المؤتمرات والندوات العلمية بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تعمل على توطيد الشراكات وتلاقح الأفكار فيما بينها متمنين لهم الموفقية في خدمة بلدنا العظيم.